كانت مخرجات الحوار الوطني تحمل قدرا من المعالجات والحلول السياسية للكثير من القضايا الخلافية التي شكلت وما تزال أخطر معوقات إقامة الدولة اليمنية الحديثة ،التي فشلت كل التجارب السياسية الماضية في حلها على اختلاف أشكالها الحزبية وإيديولوجياتها السياسية.
تطلع المواطن اليمني في حينه الى أن يلمس تغييرا حقيقيا في حياته وذلك من خلال ترجمة تلك المخرجات بامانة واخلاص إلى واقع ملموس يحقق أمنه وكرامته واطمئنانه على مستقبل ومصير وطنه وأجياله القادمة، وأن ينعم بحياة كريمة آمنة مستقرة بعد سنوات من الخوف والجوع ومعايشة الموت في كل لحظة من لحظات حياته ، كما توقع في الوقت ذاته ،أن يقتنع المتصارعون على السلطة، بأن العنف والإرهاب والقتل، ليس الوسيلة الحضارية، ولا الأخلاقية للوصول إلى الحكم ،وأن يحتكموا الى التنافس الديمقراطي والتداول السلمي أسوة بغيرهم من الشعوب المتحضرة .
تفأءل اليمنيون بطيبة وحسن ظن، بانفراج اﻻزمة وحلول اﻻمن والسلام في ربوع وطنهم الجريح .. وتصوروا -للحظات خاطفة -ان القوى السياسية قد تجاوزت ثقافة احتكار السلطة والحكم العصبوي وتخلصت من عقدة الثأر والانتقام السياسي فيما بينها وانها قد اقتنعت بتغليب مصلحة الوطن الذي تدعي حرصها عليه وتضحياتها المزعومة من اجله ، لكن ما اعقب الحوار من احداث دامية وتدمير هستيري لمقدرات الوطن وثوابت المجتمع اليمني في الوحدة الوطنية والتسامح المذهبي والسلم الاجتماعي ،عكس لدى الجميع مشاعر اخرى ، اقساها وامرها ان تلك القوى جعلت من الحوار الوطني وسيلة لخداع الشعب اليمني وتخديره وتأجيل الصراع فترة من الزمن ﻻعداد عدتها وعتادها وترتيب تحالفاتها الداخلية والخارجية برعاية امريكية اوروبية ومظلة اممية واقليمية (شقيقة)وقد كان لها ما خططت له.. فقد فجرت الحرب الداخلية وجلبت بغباء سياسي قوى خارجية كانت تترقب لتلك الفرصة لاهداف ومصالح خاصة بها في اليمن فكانت صدمة كبرى وخيبة امل مريرة اظهرت تلك القوى والاحزاب والمكونات الاجتماعية غياب (الحكمة) لديها وافتقارها للخبر السياسية (وليات حمران العيون) وفقدت ثقة المجتمع اليمني بها بكل فئاته ومكوناته ومساحته الجغرافية، تلك الثقة التي كانت ضعيفة من اساسها بسبب تجاربها المريرة في تاريخ اليمن السياسي قديمه وحديثه .
واليوم
ونحن نبحث عن مخارج سياسية لتحقيق السلام فان علينا ان لا نتجاهل الموروث السياسي في ثقافة الحكم في اليمن التي تغلب منطق العنف والقوة على منطق الحوار والتنافس الديمقراطي السلمي والقبول بمبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية.
ان تاريخ الصراع السياسي على السلطة في اليمن قديمه وحديثه، يكشف لنا عن ان ثقافة العنف والغلبة هي التي سادت في كل مراحل الصراع على الحكم في اليمن والتي كانت تتراجع حينما تكون هناك صحوة شعبية قوية ولكنها لا تختفي نهائيا لان القوى السياسية التي يعول عليها غير مؤهلة للقيام بهذا الدور وما تلبث تلك الاحزاب ان تسقط عند اول مواجهة كما سقطت اليوم لانها لا تقف على ارضية صلبة ولا تمتلك رصيدا جماهيريا يسندها مما يؤكد ان الشوط نحو سلام حقيقي وراسخ ما يزال طويلا ، ولكنه بالتاكيد ليس مستحيلا. قال تعالى: انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا..
صدق الله العظيم
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها