مقالات الرأي
يهودي زيدي ويهودي شافعي
كنا نتجادل حول التمييز بين المواطنين بناء على النسب.. قديما قال ابن خلدون إن كل نسب وهم، وجاء العلم ليثبت أن دم
التعليم.. الجبهة التي سقطت في براثن الجهل والكهنوت
يحتل التعليم أهمية كبرى في حياة الأفراد والمجتمع والدولة، وبه تبنى العقول وتحدد توجهات الأفراد وطرق
تحولات الجنوب وتحرير الدولة المختطفة شمالاً
تكريس كل الجهود والمنابر لمهاجمة القضية الجنوبية في هذا التوقيت، لا تحرير الدولة المختطفة وإسقاط نظام
عن مسلسل "العالية" (1 - 2)
على امتداد ليالي رمضان ومن اليوتيوب شاهدت حلقات هذا المسلسل بفارق يوم تالٍ عن كل حلقة، وشاهدتُ إلى جواره
النموذج الليبي واليمن
في يناير (كانون الثاني) 2016 حضرت، بدعوة خاصة من منظمي منتدى "دافوس"، الاجتماعات التي تجري سنوياً في القرية
لعنة الحرب.. ونعمة السلام
(هناك مقولة تقول: قد يأتينا السلام في النهاية؛ ولكنه لن يأتينا حتى يفقد النصر والهزيمة معناهما..)اتفق بذلك
آخر الأخبار
اختيارات القراء
اتبعنا على فيسبوك

النظام القضائي اليمني في ضوء مخرجات الحوار الوطني

الخميس 12 يناير 2023 02:15 صباحاً

القاضي د. يحيى محمد الماوري

اقرت مخرجات الحوار الوطني شكل الدولة اليمنية القادمة كدولة اتحادية كما اقرت لجنة تحديد الأقاليم بالتقسيم الثلاثي لمستويات الحكم (الحكومة الاتحادية – الحكومة الإقليمية – حكومة الولايات ) كتقسيم رئيسي ولابد من ان يكون هناك تقسيم اداري ثانوي داخل كل ولاية – مديريات – عزل – نواحي . 

جاء في البيان الصادر عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل بتاريخ 7 يناير 2014م البند رقم 2 (ان مخرجات المؤتمر ووثائقه كافة لن تؤسس لأية كيانات شطريه او طائفية تهدد وحدة اليمن وامنه واستقراره ، وبانها ستضمن حلا عادلا وشاملا للقضية الجنوبية في اطار دولة موحدة على أساس اتحادي وديمقراطي وفق مبادئ العدل والقانون والمواطنة المتساوية ) وعلى هذا الأساس فانه بات من الواضح ضرورة وضع نظام قضائي يتوائم مع شكل الدولة الاتحادية لكننا من خلال استعراضنا للنماذج السابقة لا نستطيع ان نعتمد نموذجا معينا منها لتطبيقه في اليمن بكل تفاصيله وقد راينا ان لكل دولة نظامها القضائي الخاص بها وفقا لخصوصيات كل مجتمع على ان المسلم به هو اشتراك كل تلك النماذج في خاصيتين أساسيتين هما وجود مستويين من المحاكم اتحادية وإقليمية ومرجعية قضائية عليا واحدة هي المحكمة الدستورية العليا التي تقوم بحماية الدستور وحقوق المواطنين وحرياتهم والفصل في النزاع بين الهيئات الاتحادية والإقليمية او فيما بين الحكومات الإقليمية ذاتها حينما يتعلق النزاع بأحكام الدستور او القوانين الاتحادية .

وسيتضح لنا من خلال استعراض مخرجات الحوار الوطني المتعلقة بالنظام القضائي ان الجانب السياسي كان مؤثرا على تلك القرارات مما اوجد بعض التناقض والتداخل في قرارات معظم فرق العمل.

مخرجات الحوار الوطني المتعلقة بالنظام القضائي : 

.1 اسم الدولة:

الجمهورية اليمنية في حال بقاء الدولة بسيطة.

جمهورية اليمن الاتحادية في حال تغير شكل الدولة إلى دولة اتحادية

 ف- معالجة الماضي:

بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي والآلية التنفيذية) اتفاق نقل السلطة الموقّع في الرياض في نوفمبر 2011 (وقرار مجلس الأمن 2014 والقرار 2051 الذي يشير إلى أن عملية الانتقال تتطلب مشاركة وتعاون جميع الأطراف، بما في ذلك الجماعات التي لم تكن طرفاً في مبادرة مجلس التعاون الخليجي والآلية التنفيذية، وعملاً باستخلاصات فريق عمل القضية الجنوبية التي تبنّتها الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وبالنظام الداخلي لمؤتمر الحوار، وبعد مناقشتنا جميع الرؤى والمقترحات منذ تاريخ 10 سبتمبر 2013، توصّلنا نحن المكوّنات السياسية والاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار إلى هذه الوثيقة التي تحقق أعلى قدر ممكن من التوافق. وفيها نلتزم حلّ القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة موحّدة على أساس اتحادي وديموقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية وجاء في البند (10) :اليمن دولة اتحادية، مدنية، ديمقراطية، مستقلة ذات سيادة، تقوم على المواطنة المتساوية وإرادة الشعب، وسيادة القانون، وهي جزء من الأمة العربية، والإسلامية. وجاء في تقرير فريق القضية الجنوبية :(الفقرة ص المبادئ :

.1 يُصاغ دستور جديد يقضي أن الإرادة الشعبية والمساواة والتزام أعلى المعايير الدولية لحقوقالإنسان أساس سلطة وشرعية الدولة الاتحادية على جميع المستويات، وفق ما تقتضيه الديموقراطية التمثيلية والتشاركية والتداولية لضمان التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.

وفي البند .4 يحدّد الدستور في الدولة الاتحادية توزيع السلطات والمسؤوليات بوضوح. ولا تتدخل السلطة المركزية في صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارية لمستويات الحكم الأخرى في نطاق مسؤولياتها الحصرية، إلا في ظروف استثنائية ينصّ عليها الدستور والقانون، بهدف ضمان الأمن الجماعي والمعايير المشتركة الرئيسة أو لحماية سلطة إقليمية من تدخل سلطة أخرى.

فريق بناء الدولة التقرير النهائي :

ثامناً: القرارات المتعلقة ب (السلطة القضائية):

.1 إيجاد مجلس أعلى للقضاء قادر على إصلاح الأوضاع المختلفة في السلطة القضائية، والقيام بمهامه بكل استقلالية.

.2 إنشاء محكمة دستورية لها كيانها الخاص، وقادرة على الوفاء بكل مهامها.

.3 إنشاء قضاء إداري كجهة قضائية مستقلة عن القضاء العادي قادرة على حماية مبدأ المشروعية.

.4 حظر إنشاء المحاكم الاستثنائية.

.5 النص على استقلالية القضاة، وبأنه لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، وعدم جواز إقالتهم من مناصبهم أو إبعادهم عنها لفترة محدودة أو دائمة، أو نقلهم إلى موقع أخر أو إحالتهم على التقاعد قبل نهاية خدمتهم إلا بموجب قرار قضائي مبني على أسباب ووفقا لإجراءات تحددها القوانين.

.6 النص على تجريم الانتماء الحزبي للقضاة المتولين، وانحيازهم في أداء وظيفتهم القضائية لأسباب حزبية أو طائفية أو عصبية.

.7 النص على الأخذ بنظام قضاة التحقيق، وقصر دور النيابة العامة في الادعاء العام.

قرارات تفصيلية في السلطة القضائية:

أولاً: فيما يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء:

.1 يتم تكوين مجلس أعلى للقضاء تكون له صلاحيات كاملة في إدارة شؤون السلطة القضائية، وأن يتم اختيار أعضاء هذا المجلس وفق آلية تجسد إرادة المجتمع وتوجهاته في السلطة القضائية، وتضمن اختيار كفاءات مناسبة لعضوية المجلس، تمتلك القدرة على إصلاح الأوضاع المختلة في السلطة القضائية، وسيتحقق ذلك من خلال الآلية الاتية:

يتم انتخاب مجلس القضاء الأعلى من كبار القضاة والمحامين وأساتذة الجامعات وفقاً للآلية الآتية:

. أ- تنتخب الجمعية العمومية للقضاة نسبة % 70 من عدد أعضاء المجلس.

. ب- تنتخب نقابة المحامين % 15 من عدد أعضاء المجلس من كبار المحامين،مع تفرغهم من أعمالهم السابقة.

. ج- ينتخب اجتماع مشترك لمجالس كليات الشريعة والقانون والحقوق الحكومية ما نسبته % 15 من أساتذة القانون )بدرجة أستاذ مشارك على الأقل( مع تفرغهم من أعمالهم السابقة.

. د- تقوم السلطة التشريعية بفحص ملفات المرشحين والمصادقة على تعيينهم.

. ه-  يصدر رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً بتعيينهم.

. و- اختيار أعضاء المجلس من بين ذوي الكفاءة والنزاهة من القضاة، وكبار المحامين، وأساتذة القانون، وفقاً لما ينص عليه قانون السلطة القضائية.

. ز- يعتبر النائب العام عضواً في المجلس بحكم منصبه.

. ح- تتبع النائب العام سلطات التحقيق وجمع الاستدلالات كافة، وفقاً لما ينص عليه قانون الإجراءات الجزائية.

. ط- يكون للمجلس أمين عام يتولى المهام المالية والإدارية فيه.

يختص المجلس الأعلى للقضاء بما يلي:

. أ- وضع الخطط والسياسات لإصلاح وتطوير أداء السلطة القضائية.

. ب- اقتراح ودراسة التشريعات الخاصة بشؤون السلطة القضائية.

. ج- تعيين القضاة وأعضاء النيابة العامة، وترقيتهم ونقلهم، وندبهم، وإعارتهم، وتقاعدهم، وقبول استقالتهم، ووقفهم عن العمل، ومساءلتهم تأديبياً. وبصورة عامة يتولى المجلس كل المهام المتعلقة بالشؤون الوظيفية للقضاة وأعضاء النيابة العامة مالياً واداريا.

. د- النظر في نتائج التفتيش الدوري على أعمال القضاة وأعضاء النيابة العامة، والتحقق في الشكاوى المقدمة ضدهم، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشان ذلك.

. ه- النظر في الطلبات والتظلمات المقدمة من القضاة وأعضاء النيابة العامة في شأن من شؤون الوظيفة.

. و- إعداد مشروع موازنة السلطة القضائية والإشراف على تنفيذها.

ثانياً: فيما يتعلق بالمحكمة الدستورية:

.1 تنشأ محكمة دستورية مستقلة.

.2 يتم انتخاب المحكمة الدستورية من مرشحين منتخبين من كبار القضاة والمحامين وأساتذة الجامعات وفقاً للآلية الآتية:

. أ- تنتخب الجمعية العمومية للقضاة نسبة 70 % من عدد أعضاء المحكمة الدستورية.

. ب- تنتخب نقابة المحامين 15 % من عدد أعضاء المحكمة الدستورية، من كبار المحامين. مع تفرغهم من أعمالهم السابقة.

. ج- ينتخب اجتماع مشترك لمجالس كليات الشريعة والقانون والحقوق ما نسبته 15 % من أساتذة القانون ) بدرجة أستاذ مشارك على الأقل( مع تفرغهم من أعمالهم السابقة.

. د- تقوم السلطة التشريعية بفحص ملفات المرشحين والمصادقة على تعيينهم.

. ه- يصدر رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً بتعيينهم.

* تختص المحكمة الدستورية بما يلي:

. أ- الرقابة على دستورية القوانين واللوائح والقرارات.

. ب- الفصل في تنازع الاختصاص بين الجهات القضائية.

. ج- الفصل في حالات التنازع الناشئة عن صدور حكمين نهائيين متناقضين، من جهتين قضائيتين مختلفتين.

. د- الفصل في تنازع الاختصاص بين الهيئات المركزية/الاتحادية، واللامركزية.*

. ه- تفسير الدستور والنصوص التشريعية من قوانين ولوائح.

. و- تقرير مدى دستورية مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات وبالحقوق الأساسية للمواطنين من عدمها قبل إصدارها وبعده.

 

 

 

ثالثاً: فيما يتعلق بإنشاء القضاء الإداري واختصاصاته:

يتم إنشاء قضاء إداري مستقل عن القضاء العادي يتولى الفصل في المنازعات الإدارية، يتوفر لأعضائه التأهيل والخبرة الكافية لأداء مهمتهم، ويؤهلون لهذه المهمة تأهيلا خاصا يمكنهم من أداء مهامهم على أكمل وجه، وينظم قانون السلطة القضائية تكوينات واختصاصات القضاء الإداري.

فريق الحكم الرشيد التقرير النصفي

24- نص دستوري يؤكد على الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وضمان توازنها.

27- النص في الدستور على استقلالية القضاء بحيث يكون القضاء هو المختص الوحيد في الفصل في المنازعات، وإنشاء محكمة دستورية عليا.

28 - النص على أن تولي مناصب المحكمة العليا ومجلس القضاء بالانتخاب المباشر من قبل الجمعية العمومية، المكونة من جميع القضاة بمختلف درجاتهم، وفقاً لنظام انتخابي خاص.

التقرير النهائي قرارات الفريق أولا الموجهات الدستورية  ص 107

النص في الدستور على تعزيز مبدأ استقلالية القضاء وسيادة القانون، على أن يكون للقضاء شرطة قضائية لتنفيذ أحكامه وإنفاذ القانون بما يحمي الحريات والحقوق المدنية الشخصية والعامة وحقوق الإنسان.

17 - النص في الدستور على تجريم الحزبية في القضاء وأجهزة الأمن والقوات المسلحة.

18 -النص في الدستور على مسؤولية مجلس القضاء الأعلى في تحديد آليات اختيار القضاة ومحاسبتهم وعزلهم وتعزيز هيبة القضاء بإقامة محاكم ومراكز شرطة نموذجية.

22- النص في الدستور على تبعية الأجهزة المساعدة للقضاء) الشرطة القضائية، مصلحة السجون، السجل العقاري، الأدلة الجنائية، الطب الشرعي (للسلطة القضائية.

27 -النص في الدستور على منع منح سلطات الدولة غير القضائية حق الاعتراض على أحكام القضاء الباتة.

30 -النص في الدستور على أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية عليا، مستقلة مالياً وإدارياً ولها ميزانيتها المستقلة ضمن موازنة السلطة القضائية، وينتخب أعضاؤها من قبل الجمعية العمومية للقضاة.

40 - النص في الدستور على تحديد مهام واختصاصات القيادات العليا في السلطات الثلاث وتحديد مسئولية كل منها بما يحقق مبادئ الحكم الرشيد.

الموجهات القانونية:

18- يحظر على القاضي تولي أي مناصب أخرى ما دام يشغل منصبه، كما يحظر كل أشكال التأثير في أعضاء السلطة القضائية أو استمالتهم سواء في شكل الانتداب أو شكل وظائف إدارية أو سياسية في أجهزة الدولة المختلفة

19- لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي-المختص نوعياً ومكانياً -وإلغاء كل أشكال المحاكم الخاصة أو الاستثنائية تحت أي مسمى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا.

3- تعزيز دور القضاء في الإنفاذ الكامل للقانون الإداري، بما يحقق المساءلة والمحاسبة الكاملة للأجهزة الإدارية والتنفيذية، وضمان حقوق الموظف في القطاعات العام والخاص والمختلط.

24 - ضرورة وجود ممثلي النيابة العامة في كل مراكز الشرطة لإحالة القضايا بصورة فورية إلى المحاكم ( القضاء).

25-  وضع ضمانات لحماية رجل الشرطة والقضاء والنيابة العامة ليتمكنوا من ضبط المجرمين وتأدية مهامهم وفقاً للقانون.

28-  أن يقتصر دور المحاكم العسكرية على العسكريين فقط دون أن يمتد لمحاكمة المدنيين.

29- إعادة هيكلة القضاء والنيابة، وتحسين الإدارة القضائية بما يتناسب مع الدولة المدنية الحقوقية.

30- الالتزام بالمعايير الدولية في عملية بناء استقلالية القضاء.

32- الارتقاء بمعايير التفتيش القضائي لتشمل الكفاءة الصحية بشقيها البدني والنفسي.

35- لكل مواطن ومواطنة الحق في القضاء العادل والانتخابات الحرة النزيهة.

36- تضمين قانون السلطة القضائية آليات لتوسيع التأهيل والتدريب للقضاة وأعضاء النيابة بإنشاء معاهد قضاء متعددة وتجويد التعليم وتطويره في كليات الحقوق بما يكفل وجود العدد الكافي من الدارسين في معاهد القضاء.

ثالثا القرارات والتوصيات:

.8 - يوصي الفريق بإلغاء محكمة الصحافة.

12- إنشاء محاكم نموذجية في حواضر المحافظات.

13- يعاقب كل منتسب للقضاء عند ثبوت انتسابه لأي جهة أمنية أو حزبية أو ثبوت عمله لصالح أي جهة من الجهات السابقة وتسحب الحصانة عنه.

 

 

مقارنة ونقاش :

بعد ان استعرضنا نماذج من الأنظمة القضائية في بعض الدول الفدرالية القديمة والحديثة وما ورد في مخرجات الحوار الوطني بشأن النظام القضائي اليمني في اطار الدولة الفدرالية المتصورة ، نتناول بايجاز بعض أوجه الاتفاق والاختلاف بين قرارات مؤتمر الحوار الوطني وبين تلك الأنظمة التي استعرضناها ولكننا قبل ذلك سنطرح بعض الملاحظات حول ما ورد في مخرجات الحوار الوطني واهمها :

التعارض والتداخل والتناقض التي شابت هذه المخرجات المتعلقة بالنظام القضائي واربكت المطلع والباحث في الخروج منها برؤية واضحة عن طبيعة النظام القضائي المتصور في قرارات الحوار الوطني، وذلك في تصوري امر متوقع بالنظر الى تعدد فرق العمل التي تناولت القضاء في نقاشها وتوصياتها وعدم قيام هيئة رئاسة المؤتمر والأمانة العامة بإحدى المهام المنصوص عليها في النظام الداخلي لمؤتمر الحوار وهي لجنة الغربلة والمراجعة لتقارير فرق العمل وإزالة أي تعارض او تناقض او تداخل فيما بينها طبقا لنص المادة () من النظام الداخلي لمؤتمر الحوار كما ان ذلك القصور ربما يعود للاستعجال في اختتام اعمال المؤتمر وإعلان النتيجة التوافقية لضمان نجاح الحوار بتوافق الجميع بعد ان تجاوز الفترة المحددة بحوالي أربعة اشهر على أساس انه سيتم تلافي تلك النواقص والاخطاء من خلال لجنة صياغة الدستور.

والملاحظات التي يمكن التركيز عليها ونحن بصدد وضع تصور للنظام القضائي الاتحادي في اليمن هي:

1-            عدم تحديد شكل الدولة الاتحادية تحديدا واضحا ومحددا في جميع تقارير فرق العمل وفي تقرير فريق القضية الجنوبية ووثيقة حل القضية الجنوبية والبيان الختامي والبيان الصادر عن مؤتمر الحوار بتاريخ 7 يناير 2014م فقد اجل فريق بناء الدولة تحديد شكل الدولة انتظارا للمخرجات القضية الجنوبية (ص 93) من الوثيقة فيما جاء في تقرير فريق القضية الجنوبية النص على : (نلتزم حلّ القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة موحّدة على أساس اتحادي وديموقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية) وفي البيان الصادر عن مؤتمر الحوار بتاريخ 7 يناير 2014م الذي اقر  بالإجماع وتضمن خمسة بنود جاء في البند (2) : (ان مخرجات المؤتمر ووثائقه كافة ... ستضمن حلا عادلا وشاملا للقضية الجنوبية في اطار دولة موحدة على أساس اتحادي وديمقراطي...). وهذا التوصيف الذي كان اخر ما اقره مؤتمر الحوار الوطني يثير إشكالية فقهية ودستورية من حيث ان مصطلح (دولة موحدة) يعني الدولة البسيطة في مقابل مصطلح (الدولة الاتحادية) الذي يعني الدولة المركبة (فدرالية) وهذه الإشكالية في تناقض وتعدد المصطلحات حول شكل الدولة تنعكس على لجنة صياغة الدستور ومن ثم على وضع المبادئ والاسس الدستورية لطبيعة النظام القضائي بين من يرى ان شكل الدولة هو الدولة الموحدة (البسيطة) وهي الدولة القائمة اليوم الا ان التقسيم الإداري سيتغير الى نظام الأقاليم ثم الولايات في اطار الدولة البسيطة ويستشهد البعض على هذا التفسير بأنظمة مشابهة في دول عريقة مثل الصين الشعبية التي اعتمدت نظام الأقاليم التي تتمتع باستقلالية مالية وإدارية وتنموية كاملة دون تدخل او هيمنة من السلطة المركزية كما احتفظت (هونغ كونغ) باستقلاليتها الكاملة ونظامها القضائي المستقل تماما عن النظام القضائي في جمهورية الصين بالإضافة الى القانون الإنجليزي العام الذي نقل اليها اثناء الاستعمار البريطاني والذي يعتمد على السوابق القضائية ويتولى تعيين قضاة المحكمة العليا رئيس هونغ كونغ التنفيذي ويجيز القانون في هونغ كونغ تعيين قضاة غير دائمين في المحكمة العليا من إنجلترا وكندا وأستراليا . وقد عرفنا فيما سبق عرضه من أنظمة قضائية لبعض الدول الفدرالية وجود اختلافات جوهرية بين دول احتفظت بسيطرة الإدارة المركزية على القضاء بشقية الاتحادي والإقليمي (الهند وألمانيا) وأخرى منحت الأقاليم او الولايات استقلالية كاملة من حيث اختيار وتعيين القضاة وعزلهم وحتى وضع قوانين إجرائية وموضوعية مستقلة عن القوانين الاتحادية، ومنها من جمع بين بعض الاحتفاظ بسمات السلطات المركزية على المحاكم الإقليمية من حيث النظام القانوني الموحد وبين مرونة الأنظمة التي توسعت في منح محاكم الأقاليم استقلالية شبه كاملة (الولايات المتحدة) وغيرها وان كانت في جميع الأحوال تلتزم بالدستور والقوانين الاتحادية وتخضع لرقابة مرجعية قضائية عليا واحدة هي المحكمة العليا او المحكمة الدستورية.

2-            تناقض قرارات فرق العمل حول آلية تعيين القضاة في مجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا والمحكمة الدستورية من حيث النص في تقرير فريق بناء الدولة على تقسيم الثلاث الهيئات القضائية العليا بين القضاة والمحامين وأساتذة الجامعات وبنسب محددة وهو ما يتعارض مع قرارات أخرى اشترطت الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي لما هو معروف من ان تحديد النسب لكل جهة يمنحها حق اختيار من تريد دونما اعتبار للشروط الموضوعية كما ان الانتماء الحزبي غير محظور على المحامين وأساتذة الحقوق في الجامعات ومن ناحية أخرى تناقض النص السابق مع نص اخر في البند (24) يؤكد على الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لان النص السابق يخضع نتيجة الانتخابات لإقرار السلطة التشريعية وفي ذلك تناقض صريح بين المبدأين: مبدأ الفصل التام (الفصل المطلق) بين السلطات الذي نص عليه البند (24) وبين مبدأ الفصل النسبي الذي نص عليه البند (د) من اخضاع ملفات المرشحين للمناصب القضائية العليا المشار اليها للفحص والمصادقة على تعيينهم من قبل السلطة التشريعية .. ومن المرجح ان الكتل الحزبية في مجلس النواب ستتأثر بمواقفها السياسية في مناقشتها ومصادقتها على المرشحين.

3-            النص على انتخاب المحكمة الدستورية من قبل الجمعية العمومية للقضاة وعلى استقلالية هذه المحكمة استقلالية مالية وإدارية يتعارض مع النص المحدد للنسب كون المحامين وأساتذة القانون ليسوا من ضمن الجمعية العمومية للقضاة.

4-            ان الالية الانتخابية في مجال القضاء تجربة غير مشجعة وفشلت في بلدان اقدم واعرق في تجاربها الدستورية مثل الولايات المتحدة التي يجري تعيين القضاة الفدراليين من قبل السلطات الفدرالية وكذلك في المانيا ومعظم الدول ذات الأنظمة الاتحادية وان كانت الآلية الانتخابية للقضاة اكثر ضمانا لاستقلاليتهم وحمايتهم من تعسف الجهات التنفيذية والسياسية .

5-            ان حداثة التجربة الدستورية وعدم تعمقها حتى في اطار الدولة البسيطة لا يضمن سهولة وسلاسة هذه العملية حتى على مستوى النخبة السياسية فنحن ندرك جيدا ان تجربتنا الدستورية ما تزال في طور الاحلام عند النخبة المثقفة اما على مستوى القاعدة الشعبية فان الجهل المطبق وغياب الوعي بالقانون ما يزال هو المسيطر على التفكير الجمعي للمجتمع.

6-            عدم توفر الإمكانيات المادية والبشرية المؤهلة تأهيلا قضائيا كاملا ثم نقص الخبرات العلمية والعملية يضعنا امام عدة معوقات حقيقية لإقامة نظام قضائي اتحادي على أساس هيكل مزدوج (اتحادي واقليمي) فلا تسعفنا الإمكانيات الاقتصادية لتغطية انشاء هذا القضاء بكل هياكله المركزية والإقليمية خصوصا في شكلها الموسع حسب قرار لجنة تحديد الأقاليم الذي حدد ثلاثة مستويات لنظام الحكم (حكومة مركزية – حكومة إقليمية – حكومة الولايات) ولنا ان نتصور حجم التكاليف المادية المطلوبة لإنشاء هذا الكيان الواسع والمتعدد والانفاق عليه حتى يؤدي رسالة العدالة كما يجب -عدالة قضائية كاملة- ولا يمكن ان نخضعها أي -العدالة - لمعايير تحديد الميزانية بنسب مأوية لان العدالة قيمة إنسانية اما ان تؤدى بنسبة 100% او لا عدالة وهذه الظروف التي تمر بها اليمن تشكل عائقا حقيقيا على الأقل في المدى القريب وربما المتوسط مع ما هو ملموس من غياب الادراك الكامل بأهمية السلطة القضائية لدى النخبة السياسية  التي ادت الى ضعف هيبة القضاء وتراجع سلطة القانون امام العادات العرفية والاحكام القبلية الامر الذي اوجد حالة من ازمة الثقة في علاقة المواطن بالسلطة القضائية وتدني شعوره باهمية حمايتها والدفاع عنها.

7-            ان الثقافة القضائية المتوارثة لدى الكادر القضائي هي خليط غير منظم من الثقافة القضائية العثمانية التي سادت لفترة طويلة في كل مناطق اليمن ومن الثقافة القضائية الإنجليزية في بعض المحافظات الجنوبية ثم الثقافة القضائية الحديثة التي بدأت كتجربة بعد الثورة والاستقلال دون ملامح او هوية محددة وانما يمكن ان نسميها بالتجربة الثورية بسمتين مختلفتين السمة الاشتراكية الشرقية والاشتراكية العربية وكل هذا الخليط المتعدد والمتنوع من التجارب القضائية لم يرسخ ثقافة قضائية واضحة بكل تقاليدها وتجاربها وخبراتها حتى يمكن القول اننا نمتلك أساسا قويا لبناء نظام قضائي قابل للنجاح والاستمرار مما يتعين علينا التفكير بجدية ومسؤولية في شكل النظام القضائي القادم وان نستوعب كل الظروف الموضوعية والامكانيات المتاحة وذلك لا يعني ان لا نؤسس دستوريا للنظام القضائي الذي نطمح اليه وان نضع الخطط والبرامج المرحلية التي تهيئ لهذا الهدف بما في ذلك الإمكانيات المالية والبشرية لانجاز الأهداف والخطط المرحلية واذا عرفنا ان الطاقة البشرية التي يمتلكها القضاء اليمني اليوم لا تتجاوز سبعمئاة  قاض يؤدون خدمة العدالة القضائية لأكثر من 25 مليون نسمة هم مجموع سكان اليمن حسب اخر تعداد أي بواقع قاض واحد لكل (36000) مواطن .

 

 

الهيكل القضائي الاتحادي المتصور

 

هيئات ومحاكم اتحادية              محاكم اقليمية           محاكم الولايات         محاكم المديريات      نماذج

مجلس القضاء الأعلى (1)        محاكم عليا (6) حسب تصور لجنة تحديد الاقاليم      محاكم استئناف الولايات

(18 – 24 محكمة) بحسب التقسيم الإداري في قرار لجنة تحديد الاقاليم   محكمة في كل مديرية

ما بين 230 الى 270 مديرية، حسب التقسيم الإداري في قرار لجنة تحديد الاقاليم   اخذ مؤتمر الحوار الوطني ولجنة تحديد الأقاليم بمستويات الحكم الثلاثية: اتحادية – إقليمية – ولايات كتقسيم رئيسي

المحكمة الدستورية (1)            محاكم إدارية عليا (6) حسب قرارات مؤتمر الحوار الوطني    رئيس نيابة الولاية (18-24)   نيابات ابتدائية 230-270 نيابة        

المحكمة العليا الاتحادية (1)     نائب عام الإقليم (6)                                

النائب العام الاتحادي (1)         وزير عدل الإقليم (6)                                              

وزارة العدل الاتحادية(1)                                                        

 

ان القضاء في إطار النظام الاتحادي كما يقول جورج اندرسون في كتابه -مقدمة عن الفدرالية – (غالبا ما يتم تأسيس المحاكم العليا والدستورية في نص الدستور ولهذا فإنها تكون خارج إطار توزيع السلطات او اقتسامها ...).

وهذا يعني ان السلطة القضائية لا تخضع لنفس المعايير السياسية في تقاسم السلطات التنفيذية والتشريعية وان وظيفته الدستورية بعيدة عن مؤثرات السياسة الا ما يتصل بدور المحكمة الدستورية في رقابتها على دستورية القوانين والانتخابات العامة وما يرتبط بذلك الدور من جوانب سياسية بحكم طبيعة العمل التشريعي والتنافس الانتخابي بين المكونات السياسية ، وهذا يمنحنا الفرصة لبناء السلطة القضائية وفقا لبرنامج زمني يتدرج تنفيذه من حيث التوسع وفقا للإمكانيات المتاحة كما هو الحال في التجربة العراقية وان كان القياس مع الفارق من حيث الإمكانيات المادية والبشرية كما سبق ان اشرنا الى المبررات التي طرحها القاضي العبودي بما قاله من ان العراق غير مهيأ حالياً (2009م)  لإنشاء سلطات قضائية اقليميه لأسباب عديده اهمها قله الكادر القضائي العراقي إذ لم يتجاوز عدد قضاة العراق لحد الان الالف قاضي ويوجد في كل المحافظات (30-35) قاضياً فقط اما من هم من الصنف الاول فلا يتجاوز عدد اصابع اليد في كثير من المحافظات بل بعض المحافظات ليس فيها قاضي واحد من هذا الصنف من سكنه المحافظة هذا بالإضافة الى توسع السلطة الاتحادية وانشاء محاكم ذات طابع تخصصي كالمحكمة الجنائية المركزية التي بلغ عدد هيئاتها 16 هيئه تتوزع على مختلف المحافظات العراقية ويعمل فيها زهاء 70 قاضياً .

هذا هو الوضع في العراق فكيف نتصور الوضع في اليمن الذي يفتقد القضاء الى ابسط المقومات من حيث البنية التحتية والكوادر البشرية وما هو متوفر فانه يكاد ينحصر في بضع محافظات، وهذا وحده يخلق حالة من العجز في تغطية كل الأقاليم والمحافظات بقضاة من أبنائها او من ساكنيها.

ختاما اعتذر عن عدم وضع بعض التوصيات كما جرت العادة لأننا نناقش وضعا دستوريا ما يزال في طور التصور والمشروع  ولم يصبح حقيقة ماثلة حتى الان. بلغت مواد المسودة 464 مادة كاطول دستور في العالم –( دستور امريكا 11 مادة بريطانيا قواعد عرفية غير مدونة .)

وفق الله الجميع والحمد لله رب العالمين.

القاضي د / يحيى محمد الماوري

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر والهوامش:

1.            - وثيقة الحوار الوطني الشامل – 2014م

2.            النظام الداخلي لمؤتمر الحوار الوطني الشامل – 2013م

3.            كيف تحكم أمريكا – ماكس سكيد مور ومارشال كارتر وانك – ترجمة نظمي لوقا – ط 3 – الدار الدولية للنشر والتوزيع القاهرة 1988م

4.            المحكمة العليا ( الامريكية ) كيف كانت وكيف هي – وليم هـ رينكوست – ط 1 – نيويورك – النسخة الإنجليزية The Supreme Court How It Was How It Is

5.            دبليو - س لنفجستون - الفدرالية والتغير الدستوري (federalism and constitutional change William S. Livingston. Greenwood press,1974-)

6.            سعد عبد الجبار العلوش الدولة الموحدة والدولة الفدرالية – بحث منشور في مؤلف دراسات دستورية عراقية – المعهد الدولي لقانون حقوق الانسان – ط1 2005م

7.            بودن هايمر الديمقراطية والنظام الفدرالي – منشور على الرابط التالي :

  (Democrasy Papers- www.ati.org.tw/infousa/zhtw/DOCS/Demopaper/dampaper4.htm/)

8.            رتشارد سايمون Society and Development of candian federalism.

9.            قاسم حسن العبودي(التعددية الحزبية في العراق الواقع والممارسة دراسة منشورة في جريدة المدى العدد 314 السنة الثانية 2005).

10.          ريتشارد. سايمون:

 Society and Development of Canadian federalism (State، Society and the Development of Canadian Federalism. Royal Commission on the Economic Union and Development Prospects For Canada, Richard Simon, Lan Robinson 1990 Canada  

11.          مكي ناجي / المحكمة الاتحادية العليا في العراق / الطبعة الأولى 2007.

12.          البروفسور باتريك كلين هيكليه القضاء في الدول الفدرالية جامعة ميك كل (مونتريال كندا).      

13.          القاضي قاسم حسن العبودي – اشكال القضاء في النظام الفدرالي – 2009م .

14.          مقدمة عن الفدرالية – جورج اندرسون – منتدى الاتحادات الفدرالية .2007م

15.          الأنظمة الفدرالية – رونالد ل واتس – منتدى الاتحادات الفدرالية .2006م

16.          القاضي يحيى محمد الماوري – استقلال القضاء بين اهل الفقه واهل السياسة – الصحيفة القضائية – نوفمبر 2013م


شاركنا بتعليقك

شروط التعليقات
- جميع التعليقات تخضع للتدقيق.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها